في الإجمال يولد الإنسان ولديه ميل طبيعي إلى التعاطف مع أخيه في الإنسانية.
وقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين يبدؤون في البكاء ما إن يسمعوا أحدهم يبكي
في الحضانة، يميلون إلى أن يكونوا أكثر تعاطفاً مع مشاعر الآخرين عندما يكبرون
لكن الطفل الذي يبلغ من العمر 3 أو أربع سنوات، لا يمكن أن يكون نموذجاً مثالياً
للإنسان غير الأناني، والكريم في تصرفاته مع الآخرين. وذلك لأنه لم يصل بعدُ إلى
مرحلة النمو التي تتيح له فهم معنى التقمَّص العاطفي، وبمعنى أوضح رعاية مشاعر
الآخرين وفهمها، إلا أن هذا لا يمنع بتاتاً من تعليمه كيفية التعاطف مع الآخرين
ومعاملتهم بأسلوب حسن، فإذا صدف أن ضرب طفلك شقيقته الصغرى مثلاً،
قولي له: إن الضرب يوجع الآخرين ويؤلمهم، انظرْ كيف يمكن أن يلمس الإنسان الشخص الآخر بلطف ومن دون أذى، أخبرني ما شعورك؟ تكرار هذا التصرف أمام طفلك سوف يؤدي حتماً إلى إفهامه معنى الإحساس، لكن عليك أن تصبري قليلاً، لأن الأمر ربما يستغرق بعض الوقت.
خطوات عملية
سمِّي المشاعر وصفيها له: ابدئي بتسمية المشاعر والتصرفات لكي يتمكن من التعرف
إلى أنواع المشاعر، فإذا قبَّل إصبعك التي تؤلمك، قولي له: (يا لله كم أنت لطيف!) ،
سوف يتعلم من رد فعلك أن تصرفه هذا مقبول وموضع تقدير من قبل الآخر. يحتاج طفلك
إلى التعرف أيضاً إلى المشاعر السلبية وفهمها، فلا تخافي، عندما يبدي لا مبالاة أو
يتصرف على هواه من دون مراعاة مشاعر شقيقه، فلا ضير من أن تقولي له: (لقد آلمت
شقيقك وجعلته حزيناً عندما أخذت منه اللعبة، ترى ماذا يجب أن تفعل لتعيد البسمة
لوجهه؟).
ثمة طريقة أخرى لتعريفه أنواع المشاعر الإنسانية وفهمها، من خلال لعبة بسيطة
تُعرف باسم (إحساس الأسبوع) ارسمي على ورقة صورة إنسان وركزي على إظهار
تعابير وجهه التي تعكس مشاعره، مثل الفرح أو الحزن أو الغضب أو الاستغراب، ثم
الصقيها على باب الثلاجة أو على لوح خاص واطلبي من طفلك أن يقول لك بِمَ يشعر
هذا الشخص، ثم اسأليه عمّا إذا كان قد يشعر بالشيء نفسه خلال هذا الأسبوع.
- امدحي تصرفاته التي يظهر من خلالها مراعاته مشاعر الآخر، لا تترددي في مدح
طفلك على تصرف طيِّب قام به، بل شجعيه وقولي له إن ما فعلته صحيح وينم عن
حسن خلق، ثم حددي له التصرف الحسن الذي قام به. كأن تقولي له مثلاً: (كنت كريماً
جداً عندما سمحت لشقيقك الصغير بأن يشاركك الألعاب وهذا ما أفرحه انظرْ، أَترى
كيف يبتسم؟).
شجعي طفلك عن التعبير عن مشاعره بالكلام
دعيه يعلم أنكِ تهتمين بمشاعره من خلال الإصغاء إليه، والنظر مباشرة في عينيه
عندما يتحدث وإعادة صياغة كلامه، مثلاً عندما يصرخ فرحاً: (ياي)، قولي له:
(أنت سعيد اليوم) لا تحاولي أن تسأليه عن سبب فرحه، لأنه ربما لن يعرف بماذا
يجيبك، لكنه لن يواجه أي مشكلة في التحدث عن سعادته وفرحه، في المقابل
يمكنك أيضاً أن تشاركيه بمشاعرك، كأن تقولي له: (أنا حزينة لأنك ضربتني)،
لنفكر معاً في أسلوب آخر أو في طريقة أخرى تُعلمينه فيها أنك لا ترغبين في
ارتداء هذا الحذاء. سوف يتعلم يا عزيزتي أن أفعاله تؤثر في الآخرين، وهو مبدأ
صعب فهمه بسرعة بالنسبة إلى طفل، من الضروري أحياناً أن تطلعيه على مشاعرك،
حتى ولو لم تكن مرتبطة بفعل قام به، يمكنك أن تخبريه مثلاً أنك حزينة لأنك لم
تتمكني من إرسال الهدية إلى جدته في الوقت المناسب أو أن تشيري إليه أنك
متضايقة من والده، على الرغم من أنك تحبينه كثيراً، هذه الأمور سوف تعلم طفلك
أن الأحاسيس والمشاعر هي جزء طبيعي من الحياة وأن الجميع، كباراً وصغاراً يختبرونها، وأن عملية التأقلم معها تعد جزءاً أساسياً من النمو.
سلطي الضوء على تصرفات الآخرين
علمي طفلك أن ينتبه إلى التصرف الطيب والحسن عند الآخر، حاولي أن تقولي له:
(هل تتذكر تلك السيدة التي قابلناها في المتجر، تلك التي ساعدتنا في لملمة الطعام
الذي وقع من الكيس؟ كانت طيبة جداً ولطيفة، وخففت عني الكثير من الإحراج وجعلتني
أشعر بالراحة).
من خلال تذكيره بتلك الحادثة أو أي حادثة مشابهة، تعززين عند طفلك مفهومه حول
مدى تأثير تصرفات الآخر في مشاعره هو. كذلك توافر الكتب وسيلة جيدة لإفهامه
معنى المشاعر، يمكنك أثناء قراءة إحدى القصص، أن تسأليه عمّا إذا كان يعرف
ما شعور الطفل الذي أضاع منزله، أو لماذا يشعر الكلب الصغير بسعادة، بلوري
الحوار معه واسأليه عن شعوره إذا كان في مكان أحد أبطال القصة، هذا النوع
من الحوارات سوف يعرفه إلى مشاعر الآخرين ويعلمه أن يربطها بمشاعره الخاصة.
* علميه الإشارات الكلامية: يعاني بعض الأطفال مشكلة في التعرف إلى نغمات الصوت
المختلفة، ربما لن يفهم طفلك أن شقيقته تئن وتنق لأنها غير سعيدة وتريده أن يتوقف
عن إزعاجها، ساعديه على فهم الإشارات الصوتية التي تعبر عن مشاعر الآخرين، من
خلال لعبة بسيطة: كرري جملة واحدة بنغمات عدة، ودعيه يحرز ما هي.. قوليها بفرح
أو حزن أو غضب.
* علميه الإشارات غير الصوتية: اجلسا في مكان هادئ عندما تذهبا معاً إلى الحديقة
العامة، وراقبا باحترام تصرفات الأطفال الذين يلعبون، ثم اطلبي منه أن تلعبا لعبة:
(احرز ما يشعر به الآخر، بعد أن تحرزا مثلاً ما يشعر به الطفل الآخر، حاولا معاً أن
تحددا الأسباب التي جعلتكما تجزمان أنه سعيد أو حزين أو غاضب، مثلاً قولي له
إن هذا الطفل يبدو سعيداً لأنه يقفز ويضحك).
تحياتي الورده الحمراء